يعد استخدام القانون الجنائى ، الذى يعتبر عنف الدولة المؤسسى ، ضد الإنسان الذى تعاطى مادة ما ولم يسبب أى ضرر لأى أحد – صنيعا غير أخلاقي، غير منصف وغير عادل .
نحن بالطبع غير معارضين لنشر معلومات حقيقية عن المواد التى من المحتمل أن تسبب ضرراً وإدماناً . وكذلك مساعدة الإنسان الذى يتعاطى مادة من المحتمل أن تسبب له إدمانا أو ضررا . لكن القانون الجنائى لا يساعد على أى شيئ ! هو فقط يسبب الكثير من الأذى لمن نريد أن نساعده. بالإضافة إلى أن المساعدة عن طريق الإخضاع ليست أمراً يجب أن نأخذه باستخفاف ." التخلص من السموم " بشكل قسرى فى الحالة التى لا يكون هناك أى ضرر حقيقى وبشكل مضاد لرغبة المتعاطى لا تكون مساعدة حقيقية ، بل عقاب مبالغ فيه سيفشل بالتأكيد بعد ذلك ، فليس من المتاح التخلص من أى شيئ دون وجود إرادة حقيقية فى التغيير .
يؤدى القانون الجنائي إلى حالة يتم خلالها تنفيذ عملية البيع من خلال مجرمين، لا يتحققون من بطاقة الهوية وعلى استعداد لبيع مخدر القنب وأيضا يشجعون استعمال المخدرات الأخرى، لكل من يطلب . لهذا السبب،تشير البيانات إلى أنه في الدول التي تغيرت فيها هذه السياسة وتم تنظيم السوق، تم تسجيل انخفاض ملحوظ في نسبة الشباب الذين يتعاطون المخدرات.
نتيجة لعدم وجود رقابة على نوعية المادة المخدرة وطريقة زراعتها ،لا يعرف المتعاطى ما هى المادة المخدرة التى يحصل عليها ، وأحيانا تظهر حالات لمواد مخدرة مرشوشة بالسموم ، حشيش مغشوش وغير ذلك ، التى تؤدى إلى الأذى الجسدى للمواطنين .بسبب المنع تنشغل الهيئات للتخويف والتهديد ولا تبين الأضرار الحقيقية وطريقة استخدام المادة المخدرة بشكل سليم .
نتيجة لأن توزيع المواد المخدرة يتم عن طريق الخارجين عن القانون ، وأحياناً بواسطة عناصر إرهابية ، تدفع سياسة التجريم المواطنين بالاحتكاك بنوعية خطرة من الناس .وأدى هذا الأمر إلى العديد من حوادث الاغتصاب والقتل ، مثل الجرائم ذات الخلفية القومية ، على شاكلة قتل الجندى تومار حزان – طيب الله ذكره - ، هذا بالإضافة إلى ملايين الشيكلات التى يتم نقلها مباشرة للمهربين الذين يتعاونون مع حماس وحزب الله ويٌدخلون عبر الحدود مواد لم يتم فحصها مقابل المال الذى يمول صواريخ القسام والعمليات الإرهابية ضد الجنود والمدنيين الإسرائيليين.
القنب ليس المادة الأكثر صحية فى الإنسانية ونحن لا ندعوا لتشريع قانون يلزم بتعاطى مخدر القنب. فى أى نموذج ينظم السوق ، ستكون عملية البيع مقيدة بأماكن محددة وخاضعة للإشراف عليها . ومع ذلك لا يوجد أى خلاف علمى فى أن مخدر القنب قد يسبب ضرراً أقل نسبياً ، وأحياناً بشكل لا يذكر ، مقابل المواد المخدرة الأخرى التى يُعد تعاطيها أمراً قانونياً للغاية حتى أنها تُباع فى الأكشاك .
وفقاً لتقدير المتخصصين ، تٌكلف سياسة التجريم والمطاردة دولة إسرائيل مليارات الشيكلات كل عام كتكلفة مباشرة ، هذا دون حساب تكاليف المحامين والضرر الذى يلحق بالمواطن ، سواء بسبب صدمة اللقاء السلبى مع السلطة القانونية وسواء بسبب عشرات ألاف الاشخاص أصحاب السجل الجنائى الذين ضاع مستقبلهم ، وسواء بسبب فقد ثقة مواطنى إسرائيل فى هيئات الدولة المشغولة بمطاردة - لا فائدة منها- لمواطنين شرفاء ومفيدين للمجتمع .
لان الأشخاص العاديون يحترمون القانون ، يمثل حظر المنتج الذى يستهلكه 11% من المواطنين ، ما يتجاوز دخل إجمالى السوق ، هدية للعناصر الإجرامية والارهابية . الأمر صحيح حتى هذا اليوم ، فسوق القنب غير القانوني يدور حول إجمالى يبلغ حوالى 10 مليار شيكل فى السنه (!!!) – إن كل إيرادات السوق تذهب مباشرة إلى عناصر إجرامية كبيرة وأيضاً عناصر إرهابية ( نسبة ملحوظة من إيرادات حماس وحزب الله هى نتاج بيع المخدرات ، للإسرائيليين .
لان تهريب المخدرات وتوزيعها هو نشاط مربح تماماً ، تنفذ منظمات الجريمة وترتبط بتنظيمات حكومية ورجال شرطة وضباط ، فيفسدون المنظمات الاجتماعية .من المعروف أن هناك عدد من عمليات الاعتقال المشهورة اعلامياً لضباط وجنود فى الجيش وكذلك رجال وضبط شرطة ارتبطوا بشكل مالى بمنظمات الجريمة .بالإضافة إلى ذلك، كٌشفت مؤخرا قضية فساد خطيرة متعلقة بمحاولة السيطرة على سوق القنب الطبي وذلك عن طريق عناصر حكومية من بينهم المدير العام لهيئة مكافحة المخدرات، المدير العام لوزارة الزراعة وآخرون - وهو الأمر الذي يفسر المعارضة غير المبررة وغير المنطقية لأي تغيير في السياسة من قبل هذه الهيئات.
نايس جى ، مبسوطون وغيرها – كلها أوراق مجففة وعديمة التأثير بشكل عام ، مختلطة مع مواد مختلفة بمكونات غير معروفة، وتٌباع على أنها مواد قانونية تحت مسمى "بدائل القنب". هذه المواد ذات احتمالية عالية لإلحاق الضرر والإدمان وليس هناك أى شيء بينهما وبين القنب، ولكن معدل توزيع هذه المواد كبير للغاية ، وكل هذا بسبب حقيقة أن سوق القنب غير قانوني.
يٌستخدم القنب كمساعد للأشخاص الذين يعانون من أعراض مختلفة: المرضى الذين يعانون من الألام المبرحة ،الألم الليفي العضلي، التصلب المتعدد، السرطان، فقدان الشهية، اضطراب ما بعد الصدمة ،والعديد من الأمراض المختلفة التي تجعل الإشخاص يعانون معاناة كبيرة. القنب في هذا السياق يعيد لهؤلاء الأشخاص قيمة الحياة. بدلاً من الحياة المملوءة بالاكتئاب والمعاناة، يحصلون مرة أخرى على حياة كاملة. المشكلة هي أنه منذ تصنيف القنب كمخدر خطير، غٌلت يد الهيئة الصحية وامتنعت عن توفير القنب لكل المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا من فوائده الطبية. ونتيجة لذلك، فى دولة إسرائيل فقط 15000 رجل وامرأة يحصلون على القنب بناء على أساس طبي، وفي الوقت ذاته تم منعه عن مئات الآلاف من الأشخاص الذين لا يزالون يعانون دون جدوى، أو الذين يضطرون للمخاطرة جنائياً ولدفع الآف الشيكلات شهريا لتعاطى الدواء الوحيد الذي يساعدهم.
متى كانت آخر مرة قدمتم شكوى حول حادث سرقة معتقدين أنه سيتم الاعتناء بكم؟ إحدى المشكلات الخطيرة للغاية في إسرائيل و العالم بأسره هى انخفاض ثقة الجمهور في الإدارة بشكل عام والشرطة بشكل خاص. فعند تصنيف أكثر من 10٪ من سكان البلد على أنهم مجرمين جنائيين ثم تطاردهم بسبب فعل لا يذكر لم يسبب ضرراً للآخر كتعاطى القنب ، يتعلم المواطنون رؤية هيئة تنفيذ القانون بشكل عام والشرطة بشكل خاص على أنهم خصم، وليست كهيئات تقدم خدمة عامة مهمة.
توقفت إيطاليا، سويسرا، اسبانيا، البرتغال، أورجواى ، كندا ، إيران ، كولورادو ، واشنطن وتقريباً كل الدول الغربية عن ملاحقة المتعاطين للقنب. لكن السياسة الإسرائيلية تسير على النهج الصارم لدول شرق أوربا مثل روسيا ، المجر ،بلغاريا - بالتأكيد ليس هذا هو المكان الذى نريد أن نكون فيه . في الآونة الأخيرة تم تمرير قانون فيدرالى فى الولايات المتحدة وهو الذى يحكم القوانين التى تنظم مسألة القنب القانونى فى كل أرجاء الولايات المتحدة . لكن إسرائيل فى هذا السياق فى الوراء. لقد حان الوقت أن نتقدم .
كل الدراسات التي بحثت نتائج تغيير سياسة الدولة المذكورة أعلاه - وجدت نتائج إيجابية، مثل انخفاض يصل إلى 65٪ في استهلاك المخدرات القوية (خصوصا الهيروين)،انخفاض يصل إلى 70٪ في استهلاك القنب بين الشباب، تقلص معدلات الجرائم العنيفة، انخفاض يصل الى 10٪ من المصابين وفى حوادث الطرق ، انخفاض في حوادث الانتحار، ادمان أدوية طبية وحوادث العنف بين أفراد الأسرة. بشكل عام النتائج حاسمة وتؤدي إلى نتيجة بسيطة: كل من لا يدعم تغيير السياسة الحالية - ببساطة لا يستحق أن يكون ممثلا للشعب. الوضع اليوم، وفقا لمعطيات إدارة مكافحة المخدرات : هناك حوالى 11٪ من مواطني إسرائيل الذين تتراوح أعمارهم بين 25-40 تتعاطى القنب" القنب ". وحوالي 45٪ من الطلاب يتعاطون القنب" . وحوالي 6٪ من طلاب المدارس الثانوية والجنود يتعاطون القنب.
تؤدى السياسة الجنائية لحوالى 25.000 حالة اعتقال بسبب الاستخدام الشخصي فقط، وحوالي 10.000 حالة اعتقال بتهمة حيازة ليست للاستعمال الشخصي أو تجارة أو زراعة.
خلال السنوات الخمس الماضية، تم خلالها بذل جهدا خاصا للعمل ضد القنب ، كانت هناك زيادة ثابتة في نسبة متعاطي القنب وزيادة كبيرة في متعاطى القنب بين الشباب و زيادة تقدر بحوالى 50٪ (!) بين مدمني الهيروين في إسرائيل.
تلك هي الحقائق المستمدة من الدراسات الرسمية التى قامت بها إدارة مكافحة المخدرات والكنيست.
يؤدى التغيير في السياسة إلى تحديات جديدة. فلن يكون كل شيء ورديا. فلكل سياسة مزايا وعيوب.لكن يجب أن نذكر دائما أن السياسة التى نستخدمها اليوم – هى الأسوأ، وعيوبها تزداد بشدة عن تلك السياسة التى نقترحها.